web hit counter

أبوبكر الديب يكتب: العالم ما بعد كورونا.. طريق ثالث للاقتصاد بين الرأسمالية والاشتراكية.. عودة نظام القطبين.. وازدهار المنطقة العربية أهم السيناريوهات

بعد تخطي مصابي وباء فيروس كورونا المستجد، حاجز المليون شخص، في مختلف الدول، وتكبد الاقتصاد العالمي خسائر هائلة، وفقدان الملايين لوظائفهم، يعيش العالم أجواء تتشابه مع أجواء ما بعد الحرب العالمية الثانية، تلك الفترة التي تشكل فيها النظام العالمي الجديد، ووسط هذه الضبابية التي نعيشها حاليا تبرز سيناريوهات متعددة لشكل العالم واقتصاده بعد انتهاء جائحة كورونا.
وما يزيد خطورة الأمر، وجعلنا نبحث فيما وراء الأزمة، والخريطة الدولية وفي القلب منها الاقتصاد، هو أن وباء كورونا يتزامن مع تراجع نمو الاقتصاد العالمي وظهور مؤشرات ركود وانكماش منذ عام، وضعف وتراجع الأسواق المالية، وأسعار العملات، والحرب التجارية بين أكبر اقتصاديين بالعالم أمريكا والصين، ما يهدد نظام العولمة، والأسواق المفتوحة، فضلا عن التوترات الجيوسياسية في مناطق متعددة بالعالم.
ومن السيناريوهات المطروحة على الساحة العالمية هو عودة نظام القطبين بالعالم نتيجة تضرر الاقتصاد والقوة الأمريكية، مع تصاعد النمو الصيني اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، وحسب هذا السيناريو الذي يطرحه الكثير من المؤسسات والخبراء والمتابعين، ستنتهي المناوشات التجارية وربما العسكرية في مقبل الأيام، إلى مفاوضات بين واشنطن وبكين، يتفقان خلالها على اقتسام قيادة العالم بين الطرفين مناصفة ليعود نظام القطبين من جديد كما كان في السابق بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، وفي هذه الحال وعند تفعيل القوة الصينية لنفسها في قيادة العالم، سيرتد ذلك على باقي الدول لتذهب بعضها في حلف واشنطن والآخرون مع بكين، ويعيد النظام السياسي نفسه من جديد مع بعض التغييرات البسيطة.
وثاني هذه السيناريوهات المطروحة، احتمالية ظهور أو بالأحرى تطبيق اتجاه اقتصادي ثالث، يجمع بين مفهومي الليبرالية الاقتصادية، الذي يتبناه المعسكر الغربي، والاشتراكية الماركسية، التي يتبناها المعسكر الشرقي، وهو مفهوم قديم ظهر لأول مرة عام 1936، ويمثل طريقا وسطا بين رأسمالية السوق الحر المتوحشة، والاشتراكية المتجمدة، ويمثل ذلك "اقتصاد السوق الاجتماعي"، ليجمع بين مميزات النظامين، على أسس عادلة من خلال التعاون الدولي بدل الاستغلال وعدم التكافؤ في العلاقات الدولية.
ويعزز ذلك الاحتمال، تراجع نسب النمو في الاقتصاد العالمي بشكل عام، وفي أغلب الدول منفردة إلا القليل ومنها الصين، وقامت البنوك المركزية في الدول الكبرى وعلى رأسها الفيدرالي الأمريكي، بخفض الفائدة في محاولة لرفع النمو وتنشيط الحركة الاقتصادية، وإنعاش البورصات، ويكفي أن دولة عظمى كبريطانيا، تحقق أضعف نمو اقتصادي منذ 10 سنوات، وربما نشهد عجزا في الدخل العالمي بقيمة تريليوني دولار، أو يزيد، بعد أن قفز الدين العالمي إلى مستويات قياسية في التاريخ، لما يقرب من 200 تريليون دولار، وجاءت أزمة "كورونا" لتضع قيودا جديدة على النشاط الاقتصادي العالمي بشكل لم يعهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية، ولن يكون من السهل إعادة تشغيل الاقتصاد العالمي كما كان قبل الأزمة، فخسائره قد تصل إلى 347 مليار دولار.
وتزداد الخسائر الاقتصادية للعالم يوما بعد يوم، بسبب عمليات الحظر والإغلاق التي فرضها الكثير من الدول، فبينما تكافح بعض الدول لإطعام سكانها، أغلقت دول أخرى صناعتها وشركاتها وأنشطتها الاقتصادية، وانضم الملايين لطابور البطالة، حيث قدرت الأمم المتحدة، أنه يمكن فقدان ما يصل إلى 25 مليون وظيفة.
والسؤال المهم، ماذا عن منطقتنا العربية، ومستقبلها في ظل هذا العالم الضبابي، نقول إن المنطقة شهدت أعمال تخريب وإرهاب في عدد كبير من دولها كاليمن والعراق وسوريا وليبيا وغيرها وهي منطقة غنية الثروات سواء النفطية أو غيرها وبذلك فهي ستكون واجهة مهمة للشركات العالمية الكبرى سواء من الشرق أو الغرب لإعادة البناء والتنمية، كما أن هذه المنطقة ستكون خارج الصراع السياسي وربما العسكري بين الصين وأمريكا وإن كانت ستتأثر به، لكن كلا الطرفين سيحرصان على تقوية العلاقات مع هذه المنطقة ومد يد الصداقة بشكل أكبر، نقطة أخيرة وهي أن الدول الفاعلة بالمنطقة كمصر ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، وسلطنة عمان، وغيرها استعدت برؤى اقتصادية واجتماعية وإصلاح مالي وإداري، يمكنها من امتصاص أي صدمات اقتصادية تمر بالعالم.

المصدر : البوابة نيوز