web hit counter

كواعب البراهمي تكتب: التشريعات السماوية

لو أخذنا التشريع الإسلامي في الفروض والواجبات , وما يجب علي المسلم فعله , أو ما يجب علي المسلم تركه , لوجدنا أن التشريعات المفروضة علي المسلمين في الدين الإسلامي في حد ذاتها تجعل كل من أراد أن يتدبر فيها يتأكد أنها لا تفرض إلا من إله حكيم قدير .
فلو شككنا في وجود الله , فبالتالي سيكون وجود سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ورسالته أيضا محل شك , أو أن الملحدين ينكرونها جملة وتفصلا.
لأن الذي يشك في وجود الخالق , ولا يعترف بوجود خالق فمن الطبيعي أنه يشك في وجود الرسالة ولا يعترف بها , ولا يعترف بالرسول المرسل , ولا بالقرآن.المنزل .
فهو يجد من وجهه نظره أن الرسول هو شخص قام بتأليف القرآن الكريم من رأسه , أو يعتقد كما قال عنه الكفار في زمنه أنه شاعر أو مجنون .
ولكن بقليل من التدبر والتفكير , نجد أنه لو إفترضنا أنه من الممكن أن يكون شخصا مدعيا – حاشا لله – أي أنه من الممكن أن يكون اخترع دينا ليصنع لنفسه خلودا , أو مجدا شخصيا أو ليحصل علي مال يتكسب منه .
فلو أنزلقنا معهم إلي هذه الأفكار وبتفكيرهم , فلماذا إذن يجعل العقوبات بالغة الصعوبة .
فكان من الأجدر به أن يجعل العقوبات سهلة بسيطة , وليست عقوبات جسيمة تجعل الناس تنفر من هذا الدين ولا تتبعه ؟
لماذا لا يتساهل ويتهاون ليحصل علي أكبر عدد من العابدين لإلهه , والتابعين له ؟ لماذا يجعل الناس تخاف وتبتعد بدلا من أن تقترب ؟
فما الذي يجعله يقول أن الذي يزني أو التي تزني يتعرض أو تعرض للجلد مائة جلدة لو كان أعزبا أو كانت عزباء ( لا زوجة له ولا زوج لها ) . وأن من يزني أو تزني وكان متزوجا أو كانت متزوجة فالعقوبة هي الرجم أي الرمي بالحجارة حتي الموت .
ولماذا حدد أن يكون عقاب الجلد أو عقوبة الرجم أمام طائفة من الناس تشهد ذلك قال الله تعالي ( والزانية والزاني فلماذا جعل العقوبة يتم تنفيذها أمام الناس ؟ ولماذا يختار كل تلك القسوة في العقوبة ؟ ولماذا يختار تلك العقوبات ؟
فكان من الممكن أن يقول من يفعل ذلك يتبرع لي بمبلغ كذا , وسوف أعفو عنه .وبذلك تكون الأحكام خفيفة , فيدخل كثير من الناس في هذا الدين . فلو أنه كان القرآن الكريم من عند البشر أو أن القرآن الكريم هو من كلمات الرسول صلي الله عليه وسلم لكان إختار عقوبات هينة بسيطة ليسهل علي الناس أن يتبعوه . لماذا لم يجعل العقوبات مبالغ يحصلها لصالح نفسه أو لأهله من بعده . وخاصة أنه أتي لقوم ليس لديهم إله حقيقي أساسا , ولا يؤمنون بوجود الله إلا عندما يقومون بصنعه بأيديهم .
أما عندما يكون الدين للبشر جميعا وللناس كافة فكان يجب عليه عندما يخترع دينا أو يقوم بتأليف تشريعا , أن يجعل العقوبات في تشريعه أقل من الموجودة في الأديان السابقة لذلك الدين . فتكون أقل من المنصوص عليها في اليهودية , وفي النصرانية مثلا . لكي يدخل عدد كبير منهم في الدين الجديد الذي أتي به .
ولا يجعل التشريعات في الدين الجديد أكثر إرهاقا من التشريعات السابقة . لأنه عندما تكون التشريعات أكثر إرهاقا فالبطبع سيتبع الناس التشريعات الأقل تعبا أو أقل إرهاقا , فلماذا لم يضع الرسول ذلك في إعتباره وهو يضع دينه الجديد ؟ فالمنطق والعقل البشري يقول لكي تحصل علي عدد أكبر من الناس لابد أن تتساهل معهم , ولكي تجعل أصحاب الديانات الأخري يتبعوك يجب أن تكون الإلتزامات التي ستفرضها عليهم أخفف من الموجودة فعلا في دينهم ولا تكون أكثر منها في الدين الجديد , علي الأقل لتكتسب منهم أعدادا كبيرة تدخل في دينك .
فلو افترضنا أن الرسول هو من قام بوضع الدين الإسلامي وأوامره ونواهييه بنفسه ولا يوجد خالق أرسله بالرساله , لكان فكر كشخص عادي , وأي شخص عادي يكون بنفس الموقف سوف يفكر في شئ واحد فقط , وهو أن يجتذب أكبر عدد من الناس والأتباع .
ولأنه بالعقل والمنطق أيضا لماذا سيترك اليهود والنصاري دينهم وهم يعلمون أنهم سيدخلون الجنة وهو يتبعون تعاليم دينهم , ويتبعون دين الرسول الذي يقول لهم أنهم سيدخلون الجنة أيضا إن إتبعوه , ففي كل الأحوال سيدخلون الجنة فليختاروا الأخف عملا والأقل إرهاقا .
فبالعقل والمنطق كان يجب أن يجعل الرسول صلي الله عليه وسلم القرآن والشرائع طالما من تأليفه , كان يجب أن يجعلها سهلة وميسرة .وكان ترك الناس وما يحبون , فيستمر شرب الخمر بلا تحريم , ويستمر الدين القديم , وإن أراد أن يأتي بجديد فالمفروض أن يأتي بجديد أخف وأسهل علي النفس . وليس به قيود ولا تعقيدات أو إلتزامات أكثر .
ألا يدل ذلك علي أن الدين صادرا من قوة عليا ؟ كما أن الفروض التعبدية التي وجدت بالشريعة الإسلامية ومواقيتها وأركانها وكيفية القيام بها كلها تدل علي وجود الله وعلي أن الدين الإسلامي وما أمر به هو من عند العلي القدير .
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : بني الأسلام علي خمس شهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمدا رسول الله . و إقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان , وحج البيت لمن إستطاع إليه سبيلا . وجعل تلك الأشياء هي الأساس الذي يقوم عليه الإسلام . وجعل تلك الفروض واجبة . وسنتحدث عنها جميعا من كتابي أنه ألحد .

المصدر : صدي البلد