web hit counter

تحويل القبلة في ليلة النصف من شعبان.. تعرف على أحداثها بالتفصيل

تحويل القبلة في ليلة النصف من شعبان.. تحتفل بها الأمة الإسلامية مع مغرب اليوم الثلاثاء 14 شعبان الموافق 7-4-2020م وتنتهي مع فجر الأربعاء 15 شعبان الموافق 8-4-2020م، وذلك حسب ما أعلنت دار الإفتاء عن موعد ليلة النصف من شعبان 2020.

وتعد ليلة النصف من شعبان من الليالي الفاضلة التي جعلها الله من الأيام المباركة التي يعيشها المسلمون في كل عام، ويرجون فيها أن يتجاوز الله عن سيئاتهم، و في هذا السياق تحويل القبلة في ليلة النصف من شعبان، وكيف كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام محل بحث الكثيرين على مواقع الإنترنت؛ لذا نبرز لكم في التقرير التالي أحداث ذلك بالتفصيل.

تحويل القبلة في ليلة النصف من شعبان
كانت قبلة المسلمين عندما كُتبت عليهم الصلاة بداية إلى المسجد الأقصى، ثمّ جاء التحويل إلى الكعبة المشرّفة، ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يتّجه في صلاته إلى بيت المقدس يودّ لو أنّ الله -تعالى- يحوّل قبلته إلى البيت الحرام؛ وذلك لارتباطه القلبيّ بأبيه إبراهيم -عليه السلام- باني البيت الحرام ورافع قواعده، والنبي -عليه السلام- من نسل نبي الله إبراهيم ومتّبعه في التوحيد ومحيي سنّته، فكان ينظر في السماء يقلّب بصره، كأنه ينتظر أمر الله -سبحانه- باستجابة دعائه.

وشاء الله -سبحانه- أن يُلبّي رغبة نبيّه -عليه السلام- فأنزل عليه الأمر بتغيير الوجهة إلى البيت الحرام، قال الله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)، و فسرّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، كما أكّد الله -سبحانه- أنّه ما كان ليضيع عملهم الصالح وعباداتهم، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ).

والمقصود بالقِبلة هنا أي الجهة والتوجّه، وفي الاصطلاح هي الجهة التي يتّجه إليها المسلمون في صلاتهم، فكان أمر الله سبحانه في بداية تشريع الصلاة أن يتوجّه المسلمون إلى المسجد الأقصى.

والمقصود بالقِبلة هنا أي الجهة والتوجّه، وفي الاصطلاح هي الجهة التي يتّجه إليها المسلمون في صلاتهم، فكان أمر الله سبحانه في بداية تشريع الصلاة أن يتوجّه المسلمون إلى المسجد الأقصى.

وذكر علماء التاريخ وقت تحويل القبلة من بيت المقدس إلى مكة المكرمة وأنها كانت بعد قدوم النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة بثمانية عشر شهرًا، وتحديدًا في شهر شعبان كما ذهب إلى ذلك ابن كثير في سيرته.

تحويل القبلة في ليلة النصف من شعبان

ثبت في الصحيحين أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- صلّى في المدينة ستة عشر شهرًا نحو المسجد الأقصى، ثمّ جاءه الأمر بتحويل القبلة إلى البيت الحرام.

ولأنّ النبيّ -عليه السلام- كان يودّ أن يبدّل الله -تعالى- قبلته نحو المسجد الحرام، فكان في مكة يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس فيصلّي، ثمّ لما أتى المدينة بقي يصلّي نحو المسجد الأقصى حتّى أذن الله -تعالى- له بتغيير وجهته في الصلاة.

ولقد ورد أنّ النبي -عليه السلام- كان خارجًا في زيارة لأم بشير بن البراء بن معرور، فلمّا دخل موعد صلاة الظهر قام فأمّ الناس في مسجدٍ هو مسجد بني سلمة وقد توجّه في صلاته إلى الشام، فلمّا صار في الركوع الثاني أتاه الأمر بتغيير القبلة فتحوّل النبي -عليه السلام- إلى الكعبة المشرّفة، وتحوّل أصحابه معه، وقد سمّي ذلك المسجد بعد ذلك بمسجد القبلتين لأنّ النبي -عليه السلام- جمع في صلاته فيه بين القبلتين.

وقد كان بعض أصحاب النبي -عليه السلام- في قباء، ولم يصلهم الخبر حتّى فجر اليوم التّالي، فما إن دخلوا صلاتهم حتّى أتاهم آتٍ ونادى فيهم فقال: (إن رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قد أُنزِلَ عليه الليلةَ قرآنٌ، وقد أُمِرَ أن يَستقبلَ الكعبةَ، فاسْتقْبِلوها، وكانت وجوهُهم إلى الشامِ، فاستَدَاروا إلى الكعبةِ).

الحكمة من تحويل القبلة
يُذكر من الحكم لتحويل القبلةمن المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام ما يأتي:

1- ابتلاء الناس جميعًا؛ مسلمين ويهودًا ومشركين ومنافقين، فالمسلمون امتثلوا فورًا لأوامر ربهم ولم يتوانَوا في تنفيذ حُكمه بتغيير وجهتهم في صلاتهم إلى الكعبة، أمّا اليهود فقد كرهوا ذلك وزعموا أن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قد خالف الأنبياء من قبله فقد كانت قبلتهم المسجد الأقصى، ولو كان نبيًّا لما خالف باقي الأنبياء، وأمّا المشركون فاستبشروا وتهلّلوا ظانّين أنّه بذلك قد يوشك أن يعود إلى دينهم بعد أن عاد إلى قبلتهم.

وأمّا المنافقون فزعموا أنّ النبي -عليه السلام- متخبّط لا يدري ما يصنع، فإن كان على الحقّ في تغييره للقبلة فقد كان على باطلٍ قبل ذلك، وإن كان الحقّ في القبلة الأولى فإنّه وصل إلى باطلٍ في تغييره لقبلته.

وكلّ ذلك كان اختبارًا من الله سبحانه للناس وتمحيصًا لهم. تميُّز المسلمين عن سواهم في توجّههم للقبلة وتغييرها وكلٌّ بأمر الله تعالى.

2- تمييز المكان الذي يتّجه إليه المسلمون في صلاتهم، فلا بدّ أن يشعر المسلم بالتميّز عمّن سواه بقبلته وشريعته، وهذا تحقق بتحويل القبلة إلى مكة المكرمة.

3- تصويب المفاهيم لدى المسلمين، والمقصود بذلك أنّ العرب في الجاهليّة كانت وجهتهم في عبادتهم الكعبة المشرّفة، لكنّ ليس ذلك لعقيدة حقيقيّة، بل لعنصريّة وتمجيدٍ للقوميّة، فأراد الإسلام أن ينزع من المسلمين كلّ تحيّز لفئة العرب وعاداتهم، فأمرهم بالتوجّه نحو المسجد الأقصى، حتى يحصحص كلّ مفهومٍ يمجّدونه غير الدين والعقيدة، ثمّ إذا صفت النفوس وصحّت المفاهيم أعاد الله -تعالى- ربطهم بالكعبة المشرّفة لكن هذه المرة برباط العقيدة والتوثيق بين الأنبياء؛ نبيّ الله إبراهيم وإسماعيل، ومحمد صلى الله عليه وسلم.

4- تعليم المسلمين سرعة الاستجابة لأوامر الله تعالى، والثقة بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، فلقد جاء الأمر على النبيّ بتحويل القبلة فحوّلها وتحوّلوا وهم راكعون إلى القبلة الجديدة دون أدنى شكّ أو رَيبٍ يلبَسُهُم. توحيد المسلمين على اختلاف مواطنهم وأماكنهم، وألوانهم وأجناسهم.

5- تحويل القبلة دلالة على خيرية الأمة ووسيطتها من دلالات حدث تحويل القبلة من بيت المقدس إلى مكة المكرمة أن الله تعالى ميز هذه الأمة بأن جعلها خير الأمم، كما جعلها أمة العدل والخيار والوسطية، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا).

6 – تأكيد نبوّة النبي -صلى الله وعليه وسلم- وأنّه يوحى إليه ما يتلو من آياتٍ كريمة؛ وذلك لأنّ الله -سبحانه- كان قد أخبر النبي -عليه السلام- قبل تحويل القبلة بما سيقوله اليهود وقت تغيير القبلة وإثارة الشكوك حوله، وقد وقع فعلًا ما أنبأه الله -سبحانه- به من قول، ومن فوائد ذلك أن يتهيأ النبيّ وأصحابه لبعض المشاكل قبل وقوعها فيتهيؤوا لإيجاد الحلول لها.

قبلة المسلمين
تعد الكعبة المشرّفة قبلةَ المسلمين التي يتوجّهون إليها في صلاتهم بناءً على أمر الله تعالى، وهذه القبلة هي قبلة أبيهم إبراهيم عليه السلام من قبلُ، وقد جاء الأمر الربّاني باتخاذ الكعبة كقبلة في الصلاة في قوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).

وأولّ قِبلة للمسلمين ذكر العلّامة ابنُ جرير الطبريّ أنّ النبي – عليه الصلاة والسلام- اتخذ بيت المقدس أوّل قبلة له في الصلاة قبل الهجرة النبوية، وقد اقتدت الأنصار به في ذلك نحو ثلاثِ حجج، وبعد هجرته إلى المدينة المنورة بقي النبي الكريم يصلي إلى بيت المقدس نحو ستةَ عشرَ شهرًا قبل أن يُؤمر بالتوجّه إلى الكعبة المشرّفة، وقد ذكر العلامة ابن كثير كيفيّة توجّه النبي في صلاته إلى بيت المقدس قبل الهجرة حيث كان يصلّي بين الركنين جاعلًا الكعبة بين يديه ومستقبلًا بيت المقدس، ثمّ بعد هجرته إلى المدينة تعذّر عليه الجمع بين القبلتين في الصلاة فظلّ يدعو ربّه جلّ وعلا ويتضرّع إليه أن يجعلَ الكعبةَ قبلةَ المسلمين حتى ولّاه ربّ العزّة إيّاها بعد نحو بضعة عشر شهرًا من اتّخاذ بيت المقدس كقبلة.

الحكمة من بناء الكعبة
تتجلّى الحكمة في بناء الكعبة بأنّ الله -تعالى- جعلها مثابةً للناس حيث يأتون إليها من جميع الأماكن ويجتمعون فيحصل لهم بذلك الأمن والطمأنينة، وقد بناها إبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السلام- حتى تهوي إليها قلوب الناس، قال تعالى: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ)، وللكعبة مكانةٌ عظيمةٌ في قلوب المسلمين؛ لأنّ الله -تعالى- جعلها قبلةً لهم في صلاتهم حيث يتوجه المسلم إليها في كلِّ صلاةٍ، كما أنّها مكان قضاء مناسك الحجّ والعمرة حيث يُؤدي المسلم ما شرعه -جلّ وعلا- من الأعمال ومنها الطواف حول الكعبة.

و مرّت الكعبة بعدة مراحلٍ في البناء؛ فقيل إنّها بُنيت على يد الملائكة أوّل مرةٍ، ثمّ بناها آدم -عليه السلام-، ثمّ شيث -عليه السلام-، ومرحلة البناء الثابتة في الكتاب والسنة هي مرحلة بناء البيت على يد إبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السلام-، حيث دلّهما الله -تعالى- على مكان البيت فرفعا قواعده، وكان إبراهيم -عليه السلام- يأتي بالحجارة، بينما كان أبوه يرفعها ويضعها على البيت، ثمّ جاء جبريل -عليه السلام- بالحجر الأسود.

المصدر : صدي البلد